عندما تم اختراع التلفاز للمرة الأولى خلال خمسينيات القرن العشرين، كان بحد ذاته اختراعاً عبقرياً، على الرغم من رداءة الصور و الإخراج الأبيض و الأسود، و أصبح التحدي المقبل هو تلوين الصور، ثم الحصول على الدقة العالية للصورة، ثم الإبصار ثلاثي الأبعاد و تتالت الأفكار و تبعتها الإنجازات.
و اليوم، فإن التقانة النانوية، كواحدة من التقانات الواعدة، لا تزال تبحث عن تطوير سبل بحثها الأساسية، و منها الإبصار على المستوى الذري، حيث لا تزال الصور المستخرجة تظهر باللونين الأبيض و الأسود، و التدريجات الرمادية المختلفة، بينما معظم الصور، يتم تلوينها لاحقاً باعتماد التلوين الزائف على البرامج الحاسوبية.
السبب بهذه الطريقة من الإظهار، هي طريقة استخراج البيانات، التي تعتمد بشكل رئيسي على مجهر القوى الذرية AFM و الذي يعتمد على مسح السطوح الذرية و تقديم صورة طوبولوجية عن شكل و أبعاد الذرات و المركبات، بدون أي تفاصيل أخرى ملونة، قد تفيد بتحديد طبيعة التفاعلات الحاصلة.
و تتفاقم المشكلة أكثر، مع التقنيات القادرة على استحصال صور ملونة حقيقية، مثل التقنيات الطيفية الضوئية، و التي تعتمد على التفاعل بين الضوء و المادة، إلا أن المشكلة بها تكمن في أن الضوء لا يستطيع التفاعل مع مواد يبلغ طولها أقل من نصف موجته، و البحث بالمستوى النانوي و الذري يقع حتماً بمجال أقل من نصف طول موجة الضوء الكهرطيسي.
الحل كان بمخبر بيركلي Berkley Lab الذي طور باحثوه طريقة (بالتعاون مع باحثين آخرين من إيطاليا) تعتمد على تطوير رأس مجس مجهر القوى الذرية من جهة، فتم اعتماد رأس متعدد الرؤوس يشبه أجراس الكنائس الثلاثية، وهو مطلي بالذهب، و يعمل عمل مكثف للأمواج الضوئية الساقطة، و مضخم لها عند عودتها من التفاعل مع المادة، و تطوير تقنية التفاعل الضوئي، من منظومة الضوء البعيد طويل الموجة، إلى منظومة ضوء قريب قصير طول الموجة، بحيث يتم تكثيف الطاقة الضوئية بشكل كبير، و تقصير طول موجتها، بشكل يمكن لها أن تتفاعل مع الفوتونات و الالكترونات عند الأطوال الموجية القصيرة، و من ثم يتم إعادة الأمواج الناتجة عن التفاعل لمنظومة الضوء البعيد، و استخلاص البيانات الملونة للسطوح و المركبات الذرية.
هذا البحث، و هذا التقدم، سيمكن العلماء مستقبلاً من تطوير قدرتهم في إبصار المستويات الذرية، و استخلاص معلومات و بيانات جديدة عن طريقة ارتباط المركبات مع بعضها البعض، تقودهم لتوصيف العلاقات التي تحكم العالم النانوي و الذري، بطريقة يصبح من السهل عندئذ ابتكار أدوات و أجهزة قادرة على التأثير بهذا المستوى من المادة.
المصدر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق